الاعاقة السمعية : أكثر من سؤال في الإعاقة السمعية

–  ما المقصود بمصطلح ( الدمج )؟
– الدمج: هو تربية وتعليم التلاميذ غير العاديين في المدارس العادية مع تزويدهم بخدمات التربية الخاصة . و هو مع الصم وضعاف السمع دمج جزئي  المرجع كتاب " القواعد التنظيمية لمعاهد وبرامج التربية الخاصة " 

– هل الصم متخلفون عقلياً ؟
     يتوقع بعض الناس أن الأصم يعاني من تخلف عقلي ، فيتعاملون معه على أنه إنسان قاصر عقلياً . وهذا غير صحيح فالصم كغيرهم من فئات المجتمع فيهم العاقل الحكيم وفيهم المتخلف عقليلا  وفيهم الذكي و غير الذكي . . . أي لا علاقة بين الصمم والقدرة العقلية . وما يلاحظ من قصور في بعض تصرفات الصم  أو عدم تلاءم بينها وبين العمر الزمني للأصم  ، فإنه ناتج من عدة أسباب لعل منها :
" –  ضعف وقلة المعلومات و المعارف التي يجب أن يتلقاه الأصم لتنمي إدراكه بما يدور حوله في هذا العالم ، فلو تأملنا في معلوماتنا ومفاهيمنا نحن السامعين لوجدنا أننا تلقينا أغلبها عن طريق السماع والتفاعل مع الناطقين وأهم هذه العلوم اللغة التي هي وعاء العلم . أما الأصم فلضعف التغذية المستمرة يتأخر تفاعله عما يريده الناس منه مقارنة بعمره ، ويتضاعف التأخر كلما تقدم به العمر ، وليس هذا دليلاً بالضرورة على تخلف عقلي .
" – الصعوبة التي يعانيها عندما يريد التعبير عما يريد ، فيفهم منه شيء وتغيب أشياء ، وربما عبر عن عجزه بتصرف الغضب والاحتجاج . . . أو الحزن و البكاء . . . أوالانسحاب وكتم الغيظ .
" – عدم سماع الأصم الأساليب الجميلة التي يتخاطب بها الناس ويتلطف  بها بعضهم أمام بعض من مثل أساليب الكنايات والتعريض والتقدير والاحترام…. خاصة إذا عرفنا أن  الصم يُخاطبون ويتخاطبون بلغة صريحة ومباشرة دون مقدمات أو تعريض فمن الطبعي أن يخاطِب الناس كما يُخاطب ، وربما لايحس في ذلك أي غضاضة .

– هل الصم أذكياء جدا  ؟
– قد تجد بعض الناس يستدل على الذكاء الخارق عند الصم – حسب اعتقاده – بقوة ملاحظتهم بعيونهم ، وفي الحقيقة أن اعتمادهم المستمر على النظر والملاحظة أكسبهم هذه القدرة ، كما أن اعتماد الكفيف على السمع أكسبه قدرة متميزة في تمييز الأصوات ، واعتماده على السبابة في القراءة أكسبه قدرة عجيبة ، واعتماد بعض المعاقين على مسك القلم والكتابة بأقدامهم أكسبهم هذه القدرة . . .
– لقوة تركيز الصم على النظر والملاحظة تجدهم غالباُ يبالغون في الاهتمام بالمظهر ، والصم يقرؤون الناس من مظاهرهم عند أول لقاء لذا تجدهم غالباً يحبون أن يكون الانطباع الأول عنهم حسناً ومظهرهم أحسن  ، ويزيد هذا الشعور بتقدم السن لديهم ، ويلاحظ هذه الظاهرة أكثر معلمو المرحلة الثانوية للصم ، وليس من النادر أن   يبدي الصم إعجابهم بالسيارات الفخمة مثلاً أو أجهزت الهاتف النقالة . . .، والتفاخر بمعرفة معلومات دقيقة عنها ، حتى ولو تقدمت بهم السن ، وهذا جزء من ولعهم بالمظاهر .
– والحقيقة أنه لا علاقة بين الصمم و حدة الذكاء ، وهذا ما أثبتته دراسة مايكل بست 1960م و عدة دراسات تبعتها ، بخلاف الاعتقاد السائد قديماً أن الذكاء عند الصم أقل منه لدى السامعين ، والسبب أن مقاييس الذكاء القديمة تعتمد على الاختبارات اللغوية  بشكل كبير .
 
– ما مستوى التحصيل الدراسي لدى الصم ؟
      من الطبعي أن يكون لدى الأصم تأخر لغوي كبير واختزال لكثير من المعاني المتعددة التي تدل عليها اللفظة الواحدة ، ويتبع هذا التأخر اللغوي تأخر في الجانب المعرفي والتحصيلي . وقد أثبتت الدراسات أن المعاقين سمعياً يتأخرون دراسياً عن أقرانهم من العاديين من ثلاث إلى خمس سنوات ، هذا في المتوسط العام ، ويتضاعف هذا التأخر مع تقدم عمر المعاق سمعياً ، غير أن تحديد درجة التخلف تختلف من منهج دراسي إلى آخر ، فتخلف الصم في مادة القراءة والتعبير يفوق تخلفهم في الرياضيات والجغرافيا والعلوم ، لعدم اعتماد المواد الأخيرة عل اللغة .  وقد وجد الباحث فورث 1917م أن المتوسط العام لمستوى القراءة للتلاميذ المعاقين سمعياً لايتجاوز الصف الثالث الابتدائي بالنسبة للعاديين ، وهذا لايعني عدم وجود بعض الأذكياء الذين يتجاوزون هذا المستوى، بشرط أن يتوفر لهم التدخل المبكر ثم التعليم المقنن ، وأسرة تبذل جهداً ووقتاً و لاتمل في سبيل ابنها أو بنتها ، وقد أثبت الباحث نفسه أن 10%فقط من المعاقين سمعياً يستطيعون القراءة بمستوى أعلى من مستوى طالب العاشرة ( الأول الثانوي ).( للمزيد انظر كتاب : تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة . ماجدة سعيدة ) .
 وهناك دراسة أخرى قام بها بوتنر ومكلر 1966م كشفت عن هذه الحقائق ( أن 30% من التلاميذ المعاقين سمعياً كانوا في مستوى الأميين ،و60%  كانوا بين المستويين الخامس والثالث وأقل من ذلك ، و5% فقط بلغوا الصف العاشر " الأول الثانوي " ) ودراسة ثانية أثبتت النتائج نفسها . وتجدر الإشارة إلى أن معظم التلاميذ الذين شملتهم الدراستان كانوا من ضعاف السمع ، أو ممن أصيب بالصمم بعد تعلم اللغة ، أي أن غير هذين الصنفين سيكون أثر الإعاقة عليهم أشد (للمزيد انظر محاضرات في طرق التواصل للمعوقين سمعياً . عبد الغفار الدماطي )
 
– هل يقرأ الصم ويكتبون ؟
نعم الصم يقرؤون كما نقرأ ويكتبون كما نكتب . . . وليست مشلكتهم في قراءة الكلمات وكتابتها . بل المشكلة الكبرى عند الصم في فهم المعنى ، لأنه يقرأ لغة لا يستخدمها إلا نادرا ، ولايفك إلا اليسير من رموزها بمالا يشكل  له معنى عاماً . . . ولكي أقرب لك الصورة أكثر . . فإن حال الصم مع اللغة العربية كحال الواحد منا الضعيف في اللغة الإنجليزية مع اللغة الإنجليزية . . هل يستطيع أن يقرأ اللغة الإنجليزية ؟ نعم ، ويكتبها ؟ نعم . . لكنه لا يحصّل من الصحفة الواحدة إلا الكلمتين والثلاث والأربع  ، بما لا يستطيع معه أن يكوّن معنى عاما للمقطع فضلا عن فهم كل المفردات .
 ولذا يجب أن لا يرتب على قراءة الصم وكتابتهم أي حكم يخصهم . . . كأن يقول المفتي للصم : مادام أنه يقرأ ويكتب ، فيكفي أن يعطى كتيباً يفه أحكام الصلاة والصوم . أو يأمر القاضي الأصمَ بقراءة الشهادة من ورقة ، وينتظر منه الإيماء برأسه قبولاً أو رفضاً . أو يؤمر الأصم أن يوقع على تعهد أو اعتراف أو أي شيء . 

اقرأ أيضا:  شلل الأطفال

– ما مستقبل الصم الوظيفي ؟
–   هل مستقبل الصم  الوظيفي  واضح لديك ؟ أقصد لأي مستقبل يدرس الصم ؟ . . . . .  أنا أخبرك …
     يبدأ الطلاب الصم في المرحلة الثانوية بدراسة الحاسب الآلي إحدى عشرة حصة في الأسبوع ، أي دراسة مكثفة ، ويكون التركيز على برنامج الوورد ليتخرجوا نساخاً ، مع الإلمام ببرامج أخرى كالبوربوينت  و الإكسل ..  وفتح المجال منذ ثلاثة أعوام تقريبا للطلاب الصم المواصلة في الكلية التقنية ببريدة ، تخصص حاسب آلي ، ليحصل الأصم بعدها على دبلوم في الحاسب . . ونسبة التوظيف إلى الآن متوسطة .
. . . وقد دأبنا بحمد الله في برنامج الدمج بالمرحلة المتوسطة على  تدريب الطلاب على الحاسب الآلي بواقع حصتين في الأسبوع ، إيماناً باهمية الحاسب الآلي للطلاب الصم .
 …  أما دراستهم في الابتدائي والمتوسط فهي إثراء للغتهم وتربية وتعليم  لأهم المعارف و تهيئة ليصلوا إلى دراسة التخصص . وقد لا يصلون … لذا يجب على ولي الأصم  أن يهتم بتدريبه على أعمال قد يحتاجها فيما بعد . وأن يكون من أولى اهتماماتك به اكتشاف مواهبه وبعث الكامن منها ، كأن يدرب على البيع والشراء ، أو بعض الحرف ككهرباء وسباكة المنازل . . . وقد يجد في البرنامج الملحق بالمدرسة  أو في معهد الأمل من يساعدك في ذلك من معلمين ومشرفين ومرشدين .
 
 
– هل لغة الصم مهمة لهم ؟
–   حينما يلتحق الطفل الأصم بالمعهد أو المدرسة تكون معه لغة خاصة هي لغة أمه غالبا , وهذه اللغة تتلاشى مع مرور الوقت . . حتى يكون شبه انفصام تام بين لغة الطفل ووالديه . لذا من حق الأصم أن يتعلم والده لغته ، لغة الإشارة ، وأن تتعلمها والدته كذلك ، حتى لا يكون الناس البعيدون أقرب إلى ابنهم وتفهم حاجاته من والديه وذويه  ، تعلمك لغة الإشارة يغني ابنك عن اللجوء أوقات ربما تكون طويلة في عالم  الوحدة ، و يقلل من تعلقه القوي بأصدقائه في الإعاقة . ويمكنك تعلم لغة الإشارة عن طريق الكتب المصورة فيها ، أو اسطوانات  الـ CD  ، وكلها متوفرة في برنامج الدمج بمتوسطة ابن عبد البر الرائدة ببريدة .

اقرأ أيضا:  أين يذهب المعوق بعد تخرجه؟ الخروج من التنظير إلى التطبيق

– قصة متكررة ؟
– جلس أفراد العائلة يشاهدون الأخبار ، أو يتصفحون الجريدة ، و تركيزهم  و تأففهم وكثرة التفات بعضهم إلى بعض  و تعليقاتهم  المقتضبة  توحي بأن الخبر المعروض خطير جداً ، أما ابنهم الأصم فكان مجلسه خارج الدائرة ، كأنه أحد أثاث الغرفة . . . كم مرة حاول أن يدخل معهم جو الحادثة ، ولكن امتعاضهم من قطعه   الانسجام وتسلسل الأحداث كانت الصفعة المتوقعة ، حتى ولو تعاطف معه أرقهم قلباً فالمشكلة الكبرى في لغة الإشارة ، وماذا يفيد لو هز رأسه إيجاباً  وهو لا يدري شيئاً ………  وفي الغد أول ما يريده الصم من المعلم أو من مشرف البرنامج أن يخبرهم خبر الطائرة التي شاهدوها في الشاشة وهي تهوي ساقطة ، أو الزلزال الذي دمر المنازل أين هو ؟  وكم القتلى ؟ . . . . ويا لها من سعادة  حين يسألك الأصم قبل دخوله الفصل بل في الاصطفاف الصباحي أحياناً فتخبره خبر الطائرة أو مكان الزلزال . . .
  وكان الأولى برب الأسرة – أعانه الله وسدده – أن يراعي حق ابنه ويشجعه على مشاركتهم في كل ما يمكنه المشاركة فيه . وأن يستعين ببعض الوسائل كخارطة العالم . . .و . .و . .حتى ولو لم يصله من المعلومة إلا اليسير ، ففائدته على هذا الإنسان غير يسيرة .
وفقك الله وبارك لك في ابنك   ورزقك من حيث لا تحتسب
 
 مشرف البرنامج
عبد العزيز بن محمد الجميلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *