الاعاقة السمعية : تقييم القدرات العقلية لدي الصم

–القضية الأولى: تتعلق بنوعية الاختبارات المستخدمة في قياس ذكاء المعوقين سمعياً؛ حيث تتم المفاضلة دائماً بين الاختبارات اللفظية من ناحية، والاختبارات غير اللفظية و الأدائية من ناحية ثانية. وقد سبق أن ذكرنا أن الباحثين يتفقون على انخفاض أداء المعوقين سمعياً على الاختبارات اللفظية. إلا أن هناك بعض المحاولات التجريبية لتطبيق الاختبارات اللفظية -وخاصة تطبيق القسم اللفظي من مقياس وكسلر للذكاء -على الأطفال المعوقين سمعياً باستخدام لغة الإشارة ، إلا أن نتيجة هذه المحاولة أيضا لم تكن أفضل من سابقتها ، وبناء على ذلك تظل الاختبارات غير اللفظية الاختيار المرجح دائماً لقياس ذكاء المعوقين سمعياً. حيث يؤكد بعض الباحثين على تفضيل الاختبارات الأدائية حيث يحصل الأشخاص المعوقون سمعياً على درجات أعلى قليلاً من درجاتهم على الاختبارات غير اللفظية.

–القضية الثانية: تتعلق بطرق توصيل تعليمات الاختبارات المراد تطبيقها، تلك التى يري الباحثون المتخصصون في المجال أنها لم تنل الاهتمام اللائق بها برغم أهميتها. وفى هذا الصدد، يؤكد " مورس" Moores, 1996)) أن انخفاض درجات المعوقين سمعياً على بعض الاختبارات قد يرجع الي إخفاق مطبق الاختبار في توصيل التعليمات بكفاءة.

–القضية الثالثة: تتعلق بالجوانب السيكومترية (الإحصائية) للاختبارات، أي صدقها و ثباتها و معاييرها- وتشير معظم الدراسات الي ضرورة وجود معايير خاصة بالمعوقين سمعياً لاختبارات الذكاء التى تطبق على عاديي السمع، وأن يتم حساب صدقها وثباتها على عينات من مجتمع الصم. على أن البعض يقترح أن البديل لذلك هو إعداد اختبارات ذكاء خاصة بالمعوقين سمعياً بشكل أساسي. وهكذا يمكن لمن يتتبع ميدان الاختبارات في مجال المعوقين سمعياً أن يجد العديد من الدراسات التى أعادت تقنين الاختبارات الشائعة على عينات من الصم، كما قام باحثون آخرون بتصميم و تقنين اختبارات أعدت خصيصاً لقياس ذكاء للصم.

ولقد كشفت معظم الدراسات التي أجريت علي القدرات العقلية لدي الأطفال ذوي الإعاقة السمعية عن أن هؤلاء الأطفال لا يختلفون اختلافاً جوهرياً عن الأطفال عاديي السمع وقد تبين أيضاً أن الأطفال ذوي الإعاقة السمعية قادرون علي الانخراط في السلوك المعرفي ولكن ينبغي إكسابهم خبرات لغوية اكبر وأنهم إذا اكتسبوا هذه الخبرات فأنهم سوف يكشفون عن فاعلية ذهنية كالتي يتصف بها الأطفال عادي السمع (مصري حنورة ، 1982)
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن هناك بعض الدراسات العربية وأيضاً الأجنبية التي اهتمت بالمقارنة بين الصم و العاديين في القدرات العقلية من حيث علاقتها بعدد من المتغيرات؛ فعلى سبيل المثال، أجرى " محمد هويدى" (1994) دراسة استهدفت مقارنة الفروق في الذكاء غير اللفظي بين التلاميذ الصم و السامعين ، وقد أشارت نتائج الدراسة الي عدم وجود فروق دالة إحصائيا بين المجموعتين على اختباري المصفوفات المتتابعة والرسم؛ بينما ظهرت فروق لصالح التلاميذ العاديين في سمعهم في اختبار متاهات بورتيوس. وبمقارنة استجابات المجموعتين على البنود الفرعية لاختبار المصفوفات والرسم، تبين وجود بعض الفروق على عدد من البنود مما يشير إلى اختلاف تناول الصم في حال مقارنتهم بأقرانهم العاديين لمادة الاختبارين في جوانب معينة.
وهدفت دراسة عبد الغفار الدماطي (2002) الي التعرف بشكل عام علي صورة النمو العقلي ( المعرفي) ومراحله- كما تَصّورها جان بياجيه-لدى عينة سعودية من التلاميذ الصم والعاديين . وقد أوضحت نتائج الدراسة أن التلاميذ العاديين يتفوقون على أقرانهم الصم (من نفس الفئة العمرية) في النمو العقلي، وبخاصة في الفترة التي تتكون فيها المفاهيم المتعلقة بهذا النوع من النمو، وفي الحالات التي لم تظهر فيها فروق بين هاتين المجموعتين فإن أفرادهما في الغالب، إما أنهم لم يصلوا بعد الي مرحلة النمو العقلي، أو أنهم قد اجتازوها كلية.
 
وفيما يلي نماذج من  بعض المقاييس والاختبارات المستخدمة في تقييم القدرات العقلية لدي الصم :
(1) اختبار هيسكي- نبراسكا للاستعداد للتعلم:
Hiskey- Nebraska test for learning aptitude
اختبار وضعه عالم النفس الأمريكي " مارشال. س هيسكي Hiskey, marshall وهو اختبار ذكاء  غير لفظي ويطبق فردياً ويستغرق تطبيقه ستون دقيقة. وقد تم إعداده وتقنينه علي الأطفال الصم وضعاف السمع مع مجموعة من التمارين القائمة علي الممارسة، والتمثيل الصامت( البانتوميم) لتوصيل تعليمات الاثنى عشر اختباراً فرعياً المتضمنة في الاختبار.
وتشمل هذه الاختبارات الفرعية من بين ما تشمل على الأداءات التالية:
(1) تذكر الألوان ( أو الأشياء الملونة).           
 (2)   تصميمات خرزية.
(3)  الربط بين الصور.                                 
 (4)  تصميمات لأشكال من المكعبات.
(5)  تذكر الأرقام.                                       
(6)  تكملة الرسومات.
(7) مدى الانتباه البصري.                             
(8)  التعرف علي الصور.
(9) الاحجيات.                                               
(10) تحليل الصور.
(11) طي الأوراق.                                           
 (12) الربط بين الصور.
ويمكن تطبيق هذا الاختبار علي الأطفال من سن الثالثة حتى سن السابعة عشرة ويعد اختبار هيسكي- نبراسكا أحد أفضل الاختبارات التي يمكن استخدامها لتقييم الأطفال المعوقين سمعياً. فدليل الاختبار يقدم درجات معيارية لكل من الأطفال السامعين ، والأطفال المعوقين سمعياً. والاختبار يتمتع بدلالات صدق وثبات عالية.
 
(2) مقياس  جودانف- هاريس للرسم
 Goodenough – Harris Drawing test 
يعتبر مقياس "جودانف – هاريس" للرسم (1963) من المقاييس المصنفة ضمن مقاييس القدرة العقلية ، وقد يصنف ضمن مقاييس الشخصية كأحد الاختبارات الإسقاطية  ، وقد ظهر هذا الاختبار في صورته الأصلية في عام 1926 من قبل "جودانف"  . إذ تعتبر "جودانف" من الرواد السيكولوجيين الذين سعوا إلى توظيف رسوم الأطفال، وميلهم الطبيعي للرسم، للتعرف على قدراتهم العقلية وسماتهم الشخصية، وقد ظهر الاختبار في ذلك الوقت باسم اختبار رسم الرجل  Draw A Man Test, 1926))  ثم روجع وطور هذا الاختبار من قبل "هاريس"  Harris, 1936)) وأصبح الاختبار يعرف باسم مقياس "جودانف – هاريس" للرسم (Goodenough – Harris Drawing Test, 1936)  منذ ذلك الوقت وحتى الوقت الحاضر.
وقد تم تقنين المقياس على البيئة السعودية عن طريق فؤاد أبو حطب وآخرون (1979)  ويهدف  هذا المقياس إلى قياس وتشخيص القدرة العقلية والسمات الشخصية للمفحوصين من سن 3-15 سنة، حيث يعتبر هذا المقياس من مقاييس الذكاء غير اللفظية (الأدائية) المقننة والتى تطبق بطريقة فردية أو جماعية ، ويعطى هذا الاختبار بعد تطبيقه درجة خام تحول إلى درجة معيارية ثم إلى معامل للذكاء، ويستغرق وقت تطبيق الاختبار زمنا قدره يتراوح ما بين  10- 15 دقيقة و الوقت اللازم لتصحيحه و تفسيره من 10-15 دقيقة.

اقرأ أيضا:  الاعاقة السمعية : اللغة والكلام - وأسباب تأخره

وقد تم تقنين المقياس على أطفال دور الحضانة وبعض المدارس الابتدائية والمتوسطة بمكة المكرمة والطائف  وقد تم حساب صدق المقياس باستخدام المقارنة الطرفية باستخدام معاملات فلاناجان للارتباط الثنائي بين المفردات والاختبار ، واستخدم القائمون بعملية التقنين أيضاً الصدق المرتبط بالمحكات باستخدام اختبار المصفوفات المتتابعة ، و قد كشفت المعاملات الإحصائية عن ارتفاع صدق المقياس . ولحساب ثبات المقياس استخدمت طريقتان هما طريقة إعادة الاختبار وطريقة كيورد – ريتشارد سون
أما إجراءات  تطبيق المقياس وتصحيحه: فيتضمن دليل الصورة المعدلة من مقياس جودانف-هاريس للرسم عدداً من الخطوات تتمثل في النقاط التالية:
(1) يحضر الفاحص الأدوات اللازمة لعملية التطبيق و المتمثلة في قلم رصاص وورقة بيضاء وممحاة لكل مفحوص.
(2) يطلب الفاحص من المفحوص أن يرسم صورة رجل، ثم يطلب منه أن يرسم صورة امرأة ،ثم يطلب منه أن يرسم صورة لنفسه. متبعا التعليمات اللفظية التالية: " ارسم  صورة،رجل،ارسم أفضل صورة ممكنة تستطيعها، ارسم صورة كلية للرجل تشمل الرأس و الأطراف".
(3) وبعد أن ينتهي المفحوص من ذلك يقدم له نفس التعليمات لرسم صورة امرأة ، ثم صورة لنفسه.
(4) يُطَلب من الفاحص ألا يحدد الوقت اللازم لعملية التطبيق لدى المفحوص، ولكن معظم الأطفال ينهون الأداء المطلوب منهم في مدة لا تتجاوز 15دقيقة.
(5) يطلب من الفاحص أن يسمح للمفحوص بالمحو أو إعادة الرسم كله، أو جزء منه.
(6) يطلب من الفاحص أن يشجع المفحوص على الرسم ولكن بتعزيزه لفظيا.
(7) يطلب من الفاحص ألا يتدخل أو يوحى للمفحوص بإجراء أي تعديلات في الرسم الذي يقوم به المفحوص.
(8) يطبق الفاحص نفس الإجراءات السابقة في حالة التطبيق الجمعي ، على أن يتوفر للفاحص عدد من المساعدين وذلك لضمان التقيد بتعليمات تطبيق الاختبار.
(9) يعطى الفاحص درجة على كل نقطة من النقاط الكلية وعددها سبع وسبعون  نقطة، التى تظهر في أداء المفحوص وفق معايير الأداء و التصحيح لكل نقطة والتى يتضمنها دليل المقياس، حيث يتضمن الدليل معايير التصحيح لكل من رسم الرجل، ورسم المرأة، ورسم الذات.
(10) يجمع الفاحص عدد النقاط الخام التى حصل عليها المفحوص على أدائه على الرسم ، ثم يحول الدرجة الخام على المقياس إلى درجة معيارية متوسطها 100 وانحرافها المعياري 15.

اقرأ أيضا:  الاعاقة السمعية : لغة الإشارة بين الواقع والتطبيق

وروعي في الصورة السعودية اختلاف زى الرجل عن المجتمع الغربي والمتمثل في ارتداء "الدشداشة أو الثوب" ويمكن للفاحص أن يقيم أداء المفحوص بطريقة بديلة تتمثل في اختبار الفاحص رسما مميزا quality scale)) واحدا من مجموع 12 رسما للمفحوص ،حيث يصحح ذلك الرسم، وتحول الدرجة الخام بعد ذلك إلى درجة معيارية أو درجة مئينية percentile score) ) ، حيث تفيد مثل هذه الدرجات الأخصائيين النفسيين في المسح الشامل لمشكلات الطلبة.

الأستاذ الدكتور عبد الرحمن سيد سليمان
قسم التربية الخاصة كلية التربية – جامعة الملك سعود
 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شكرا يا استاذ على هذا الموضوع.اذا امكن عندي سؤال:هل علاج اضطراب عسر الحساب يختلف عند الطفل الاصم عن الطفل السوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *