المسؤوليات الكثيرة سبب للاكتئاب النفسى والقلق

فحسب رأى علم النفس فان استقلال الفتاة وعدم تفكيرها فى الزواج يخفّف عنها عناء المسؤولية الضخمة، وحسب رأى الفقه والشريعة، فإن الاكتئاب الحقيقى يأتى من تفسير الناس لعملية الزواج نظراً للتعقيدات التى يوليها أولياء الأمور، ومطالب الزواج وتكاليفه. وقد أجمع الشباب فى هذا التحقيق على أن مقولة الزواج مقترنة بالاكتئاب ليست صحيحة، بل أنهم أكدوا إن غير المتزوجة هى المعرّضة أكثر للاكتئاب لما تشعر به من وحدة ودونية ولحظات ألم بمجرد أن تسمع صرخة طفل وليد.
ترى أمل، 35 سنة موظفة وغير متزوجة، أن العنوسة أصبحت لفظاً قديماً أكل عليه الدهر وشرب، فالمرأة الآن تستطيع الزواج فى أى سن، حتى فوق سن الأربعين طالما هى قادرة على العطاء واهتمامها بأنوثتها وشخصيتها لم تتغير أما عن الاكتئاب، فهو بمعنى بسيط حمل الهموم نتيجة لمسؤولية ما أو مشكلة تشغل الذهن.
أما سارة، 25 سنة مدرسة، فتقول لم تعد العنوسة عبئاً ومصدر قلق مثل السنوات الفارطة، فالفتاة طالما أنّها مستقلة مادياً ومعنوياً فلا داعى لفرض القلق عليها ، الذى يعتبر مصدر الاكتئاب الأول، ففى الأيام، الخوالى كان مصدر القلق من الأسرة هو من سيتحمل مسؤولية هذه الفتاة بعد والديها، طالما ليس لها زوج يشاركها حياتها ويكون مسؤولاً عنها مادياً ومعنوياً، أما الآن فالفتاة أثبتت نفسها كمنافسة قد تكون مسؤولة عن الرجل مادياً ومعنوياً، وتستقل مادياً وتعيل أسرة ، لذا لا داعى للقلق عليها وهو ما خفّض من حدة مشكلة العنوسة، وبالتالى تقلّص مصدر قلقها ومرضها النفسى مثل الاكتئاب وغيره…

هموم الحياة

وتقول هيفاء،30 سنة ممرضة،"الاكتئاب ما هو إلاّ مشكلات نفسية متراكمة من المسؤولية والطموح وخيبة الأمل فى تحقيق الأهداف، والفتاة غير المتزوجة نجدها عادة معفية من مشكلات كثيراً ما تعانى منها نظيراتها المتزوجات ، مثل حمل همّ الأسرة المادى والمعنوي، من غلاء المعيشة، وتراكم هموم الحياة عليها. بالإضافة الى مسؤوليتها فى تخطيط حياة الأبناء والزوج، والعمل على تنظيم مستقبلهم ، هذا بالإضافة إلى مسؤوليتها كامرأة عاملة فى وقت نجد فيه المرأة غير المتزوجة خالية المسؤولية ، إلا من نفسها وعملها مما يحقق لها الاستقرار نفسى بعيداً عن التوتر والاكتئاب.
وفيما يتعلّق بالشباب، يرى صلاح أحمد، 35 سنة محام متزوج، أن مسؤولية الزواج ليست بالبسيطة، وحمل الأسرة كبير يحتاج لنفسية فولاذية وقلب من حديد ، فغير المسؤولية المادية المرهقة التى تبدأ بعد مراسم الزواج، هناك مسؤولية معنوية كبيرة تُثقل هموم المرأة والرجل على حد سواء، مثل مستقبل الأبناء وميزانية الأسرة وضروريات الحياة اليومية مع غلاء المعيشة، فكلها مسؤوليّات مُحبطة نفسياً لا تؤدى فقط للاكتئاب بل تقود للانتحار السريع.

اقرأ أيضا:  استراتيجيات وبرامج التدخل المبكر

أما محمد السيد،30 سنة طبيب متزوج ، فيرى العكس تماماً فالزواج من وجهة نظره "اسقرار نفسى واجتماعى مهمّ جداً والعزوبية مسؤولية مثلها مثل الزواج، لكن يضاف الى إرهاق الزواج الاستقرار الأسرى الذى يخفف من حدّة هذا التوتر والارهاق بوجود شريك للحياة يتحمل المسؤولية أو يقتسمها معي، فلم تعد المشاكل فردية بل جماعية يشارك فى حلّها طرفان مما يخفف من حدتها وينذر بحلها، فالمشكلات العادية، والضّغوط النفسية موجودة بالزواج أو دونه ، ولن يحلها سوى المشاركة والتعاون بعيداً عن تحمل الضغوط والمشاكل النفسية.

نظرة المجتمع

وعن أسباب الاكتئاب التى يسبّبها الزواج يقول الدكتور السيد عبد القادر، أستاذ الصحة النفسية،"إن الانحرافات والحالات المتزايدة كل يوم من الطلاق والانفصال بين الأزواج أدت لعدم جذب الشباب لفكرة الزواج ، حيث إن أول أهداف الزواج هى المشاركة والشعور النفسى والوجدانى بالاستقرار، وهو ما لا يجده الشاب فى نظيره المتزوج، فيعزف عن الفكرة تماماً مما زاد من حالات الاكتئاب بين المتزوجين، وهم غير ملومين على ما يحدث لهم، فإن كان الاكتئاب مقترنا بالزواج، فالزواج مقترن بالهموم". ويضيف ان الأزمات الاقتصادية، هى السبب الذى أدّى الى ارتفاع تكاليف الزواج، حيث لا يستطيع خريجو الجامعة تحقيق الاستقلال الذاتى ، فكيف يفكر فى بناء أسرة ومنزل وشريكة حياة؟ مما أفضى الى عزوف الشباب عن التفكير فى الزواج لأنه مرهق مادياً ومعنوياً ويثقل كاهله بالهموم التى تؤدى به للاكتئاب.
أما عن الفتيات فقوة المرأة العصرية أدت لاستقلاليتها، فهى الآن لا تعتمد على الرجل، بل تعتمد على نفسها فى كل شؤون حياتها، مما جعلها فى غنى عن تحمّل مسؤوليته، ومسؤولية منزل يضج بالمشاكل والهموم وهى متابعة لحالات من الاكتئاب الزوجى والطلاق والخلع وتشريد الأولاد، وأعباء اقتصادية قد تؤدى بالانسان للانتحار وليس فقط للاكتئاب، بالإضافة إلى تطوّر نظرة المجتمع للفتاة غير المتزوجة، حيث أنها لم تعد ملامة على عدم زواجها، فقد أصبح الزواج اختيارا لها وليس هدفاً، بالإضافة الى عدم شعورها بالحرج لعدم الزواج اذ تخلصت من القاء اللوم عليها من عائلتها ومجتمعها، وبالتالى تضاءلت نسبة احتياجها للرجل ، لاستقلاليتها التامة بعيداً عنه.

اقرأ أيضا:  البيئة التعليمية المناسبة لذوي العوق الحركي

فطرة الاهية

تختلف مع الدكتور عبد القادر فى الرأى أستاذة الفقه والشريعة آمنة نصير وتقول" إن الإكتئاب الحقيقى ينتج من تفسير الناس لعملية الزواج، فأولياء الأمور يصعّبون المسألة على شباب اليوم فى مطالب الزواج وتكاليفه مما يؤدى الى عزوف الشباب عن الفطرة التى فطرالله الناس عليها ، وهى الزواج والاقتران بشريك للحياة. فالانسان كائن اجتماعى بطبعه، وفطرته أنه لا يقدر على الحياة والعيش بلا تواصل مع الآخرين، وكما قال الرسول الكريم "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، الا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساداً كبيراً"، وهو ما يحدث الآن من فساد لحال الشباب وانحرافاتهم الخلقية، والتى تؤدى بهم مع مرور الوقت للعزلة والوحدة ثم الاكتئاب، فالزواج فطرة لكل بنى البشر، فكيف بها تؤدى لأمراض نفسية مثل الاكتئاب، بل إن العزوف عنها ومخالفة الفطرة هى أساس ومنهج الأمراض النفسية لما فى العزوبية من وحدة، وتحمل للمسؤولية بشكل فردي.

وتذكر الأستاذة حادثة تؤكد أهمية الحرص على تزويج الأبناء، وهى لحفصة بنت عمر بن الخطاب، والتى عرض عمر زواجها على أبى بكر رضى الله عنه، فلم يجب وعلى عثمان بن عفان أيضا ولم يجبه كذلك حتى تزوجها أشرف الخلق أجمعين "سيدنا محمد" أى لا مانع من عرض ولى الأمر الزواج لابنته بعيداً عن المتاجرة بها، لا لمن يدفع أكثر أوالتعسير على الشباب المسلمين فهذا ليس أمراً فيه اهدار لكرامة الفتاة كما يظن البعض بل به ستر وصيانة لعرضها، وهو خير لها من البقاء دون زواج، مما يترتب عليه شعورها بالوحدة والدونية. وترى الدكتورة عفاف أحمد عويس، مدرسة علم النفس، إن مقولة "الزواج مقترن بالاكتئاب" ليست صحيحة،لان غير المتزوجة هى المعرّضة أكثر للاكتئاب لما تشعر به من الوحدة والدونية، فهى وحيدة تشعر بالاضطراب النفسى والألم كلما رأت مولد طفل جديد يحرّك أمومتها ويشعرها بالنقص، فكل فترة حيض تشعرها بمرور الزمن وآلامه النفسية أنها امرأة، وقد فقدت أى فرصة للإنجاب وتحقيق حلم الأمومة. ويعتبر يوم ميلادها ذكرى أليمة تذكّرها بمرور عام جديد على وحدتها، وتنذرها بنفاد سنوات عمرها وهى وحيدة مما يزيد من فترات وحدتها وشعورها بالتوتر النفسي، وبالتالى بالاكتئاب وأعراضه، مما قد يرفع بعض البنات ذات النفسيات الضعيفة والحساسة لما هو أخطر من الاكتئاب من أمراض نفسية معقدة، مثلا الانفصام والانتحار أو الوقوع فى المحرمات والفواحش والعلاقات غيرالشرعية.

غادة إبراهيم

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    انا فتاه جميلة متعلمة تعليم عالي اعمل ومعتمده على نفسي بشكل كامل في جميع نواحي حياتي  ابلغ من العمر  30 ولم اتزوج الى الان واحس برغبة قوية بالزواج والاستقرار لاشعر انني حققت ذاتي كانثى.
    و انا اعارض من يقول ان الزواج هو سبب الاكتئاب لان البنت الغير متزوجه وان كانت مستقلة ماديا وعمليا تبقى بالنهاية انثى والانثى بفطرتها تحتاج الى رجل بجانبها يشعرها بانوثتها ويشبع الجانب العاطفي لديها ويعطيها فرصة الاستقرار والامومه
    البنت غير المتزوجه تحس دوما بنقصها عن غيرها من مثيلاتها وتتنمى الاستقرار حتى لو كانت بظروف اقتصادية عادية او صعبة احيانا حتى وان ابدت ان شعورها غير هذا وذلك حتى تشعر المجتمع ان لا مشكلة لديها وانها مرتاحه اكثر من غيرها لكن اؤكد لكم ان شعورها مختلف تماما
    وبالنهاية اقول ( ما حدا مرتاح ( فلماذا لا نعيش فطرتنا مادامت الاعباء والمشاكل مستمرة ما حيينا
    والدراسة التي تمت على مجتمع غربي لا تنطبق على مجتمعنا العربي الاسلامي باي شكل  من الاشكال لاختلاف العادات والمعتقدات والحاجات
  2. انا عاوزة اعرف ازاي اساعد حد عنده اكتئاب بقاله كتير
  3. وخصوصا الاكتئاب دة جة من فقدان حد عزيز عليه جدا وبقاله زمن معاه وبجد انا عاوزة الرد

  4. انا عاوزة اعرف ازاي اساعد حد عنده اكتئاب بقاله كتير
    وخصوصا الاكتئاب دة جة من فقدان حد عزيز عليه جدا وبقاله زمن معاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *