مرض كثرة الكريات الحمر الكروية الوراثي (تكور الكريات الوراثي) Hereditary spherocytosis

يرمز للمرض (تكور الكريات) اختصاراً بــ HS، وهو عبارة عن مرض موروث يصيب كريات الدم الحمراء. ويختلف في شدته حيث قد يكون خفيفاً وغير ملاحظ لدى بعض الأشخاص، بينما يتجلى لدى آخرين بفقر دم شديد يحتاج لنقل دم متكرر ومنتظم. وقد يتم استئصال الطحال لبعض المرضى، إذ غالباً ما يفيدهم ذلك، لكن ننتبه لتزايد خطر تعرضهم لإنتانات خطيرة.

ime003


ما هو تكور الكريات الوراثي HS؟

يوصف بأنه مرض وراثي يصيب خلايا الدم الحمراء، وهي الخلايا التي تنقل الأوكسجين في أنحاء الجسم، ويساعد الشكل الطبيعي (الشبيه بالصحن المتطاول قليلاً) لهذه الخلايا على حمل الأوكسجين بفعالية.
في هذا المرض تتعرض الطبقة الخارجية لخلايا الدم الحمراء إلى تشوه وهذا يعني تغيّر في شكلها الطبيعي. حيث تصبح ذات شكل أقرب للكروي مما يجعلها أكثر هشاشة.
يقدر عدد المصابين بهذا المرض في الولايات المتحدة وأوروبا بحوالي 1 من 2000 شخص، وهناك أنواع مختلفة من التشوه و لكن جميعها تؤدي إلى مشاكل مماثلة.

كيف يتظاهر مرض تكور الكريات الوراثي؟

يظهر غالباً على شكل فقر دم واصفرار في الجلد وفي بياض العين (يرقان)، يمكن لهذه الأعراض أن تظهر في أي وقت من الحياة. ويُعرف فقر الدم بنقص عدد خلايا الدم الحمراء عن الطبيعي أو نقص في الهيموغلوبين عن المستوى الطبيعي في جميع خلايا الدم الحمراء.

تحتوي خلايا الدم الحمراء مادة كيميائية تسمى الهيموغلوبين وهو الذي يحمل الأوكسجين من الرئتين إلى كل أجزاء الجسم، وبالتالي عند الإصابة بفقر الدم تنقص كمية الأوكسجين في مجرى الدم، ويعاني المصاب بفقر الدم من التعب وضيق في التنفس عند بذل أي جهد قليل أو بدونه.

طبيب عرب دم كروي

تتنوع أسباب اليرقان، على سبيل المثال، فإن السبب الأكثر شيوعاً لليرقان هو حدوث خلل في عمل الكبد.
أما لدى مرضى تكور الكريات فاليرقان يحدث بسبب تكسّر (انحلال) خلايا الدم الحمراء بسرعة ومعدل أعلى، وهذا الانحلال يؤدي لتحرر مادة ملونة (صِباغ)، ولن يستطيع الجسم طرح هذا الصباغ بسرعة (بسبب التكسر السريع جداً لخلايا الدم الحمراء) فيترسب في الجلد والعين معطياً اللون الأصفر. و من المعروف أنّ الطحال يعمل على التخلص من خلايا الدم الحمراء التي لا تعمل بشكل سليم، فيزداد الضغط على الطحال ليعمل أكثر من المعتاد فيؤدي ذلك إلى تضخمه.

وفيما يتعلق بالخطورة تشير الإحصائيات إلى أن:

حوالي 2-3 من أصل 10 أشخاص مصابين بالنمط الخفيف لـلمرض، إذ يخسرون خلايا الدم الحمراء لكن يستطيع جسمهم تعويضها سريعاً.
بينما حوالي 6-7 من أصل 10 أشخاص مصابين بالنمط المعتدل إلى الشديد من المرض، ويُشخّص فقر الدم لدى نصفهم منذ مرحلة الطفولة.

اقرأ أيضا:  فقر الدم المنجلي (Sickle cell Anemia)

كيف يُورث مرض تكور الكريات؟

  • تورث الإصابة بثلاثة طرق مختلقة اعتماداً على النمط الدقيق لـلمرض الموجود:
    يكون الصبغي الجسمي مسيطراً وهذا يعني توريث مرض التكور من أحد الوالدين فقط. إذا كان أحد الأبوين يحمل نسخة معطوبة من الجين، بالتالي سيرث كل طفل من أطفالهم الجينة المعطوبة ويتطور لديهم المرض بنسبة %50. ويشكل ذلك أكثر الطرق شيوعاً لوراثة هذا المرض. وإحصائياً تكون إصابة 7 من أصل 10 حالات موروثة بهذه الطريقة.
  • يكون الصبغي الجسمي متنحياً وهذا يعني أن تطور المرض يحتاج في هذه الحالة إلى وراثة جينين معطوبين، واحدة من الأم والأخرى من الأب، أما إذا كان لديك جينة واحدة معطوبة فهذا يجعلك حاملاً للمرض فقط.
    وللعلم؛ فإنه لا يظهر على حاملي المرض أية أعراض لأنهم يملكون جينة واحدة طبيعية كافية لصنع خلايا دم حمراء طبيعية الشكل، ولكن يمكن لحاملي المرض نقل الجينة المعطوبة إلى أطفالهم في المستقبل.
  • أحياناً لا يكون المصاب بـالمرض لديه تاريخ عائلي لهذا المرض، وإنما يصاب به بسبب ما يسمى بــ “الطفرة الجديدة” أو “طفرة دي نوفو”.

  • وتعني الطفرة الجديدة ظهور جينة معيبة للمرة الأولى في أحد أفراد العائلة، ويمكن أن تحدث بسبب:
    1- خلل في المادة الوراثية سواء في البويضة أو الحيوان المنوي لأحد والدي المصاب.
    2- أو بسبب خلل في المادة الوراثية لدى البويضة المخصبة عند التقاء البويضة والحيوانات المنوية (الجنين).
    أمّا عن الأسباب المباشرة التي تؤدي لظهور هذه الطفرة المفاجئة لأول مرة فما زالت غير معروفة.
    إذا شُخّص لديك وجود هذا المرض، فمن المفيد أن ترى مستشار جيني، حيث يمكنه أن ينصحك حول المخاطر الممكنة لانتقاله إلى أطفالك في المستقبل.

كيف يُشخص هذا المرض؟

عن طريق الفحص المجهري لعينة الدم المرسلة إلى المخبر حيث يمكن رؤية: التغيرات التي تطرأ على خلايا الدم الحمراء، وخلايا أخرى (وهي الخلايا الشبكية) والتي يزداد عددها مما يدل على أنّ خلايا الدم الحمراء تكسرت بسرعة جداً.
ويتطلب أحيانا إجراء اختبارات دموية أخرى لأنها ستساعد في استبعاد الأسباب الأخرى لتغيرات خلايا الدم الحمراء مثل أمراض الكبد، والتسمم بالزنك و بعض الإنتانات.
كما قد يلاحظ الطبيب وجود تضخم في الطحال عند القيام بفحص البطن.

ما هي العلاجات المتوفرة؟

  • ربما لا يحتاج المرض الخفيف إلى معالجة.
  • يحتاج المرض المتوسط والشديد إلى نقل دم في حال فقر الدم الشديد، وتوصف مضغوطات الفولات (أو الشكل السائل للأطفال) للمساعدة على تجديد خلايا الدم الحمراء، لأن النظام الغذائي المعتاد لا يلبي الحاجة المتزايدة للفولات.
  • قد تنقص الستيروئيدات الحاجة إلى عمليات نقل الدم في حالة الأزمات.
  • تساعد عملية استئصال الطحال في السيطرة على المرض، حيث ستبقى عندها خلايا الدم الحمراء في مجرى الدم لفترة أطول. لكن يصعب اتخاذ القرار باستئصال الطحال لأن إزالته ستعرض الشخص إلى خطر حدوث الإنتانات المهددة للحياة.
  • بعد استئصال الطحال، سيحتاج المريض إلى صادات حيوية وقائية مدى الحياة مثل جرعات قليلة من البنسيلين أو الإريثرومايسين.
  • وينبغي أن تتوفر لدى المرضى الجرعة العلاجية الكاملة من الصادات الحيوية في المنزل، في حال تطور الإنتان، لأنّه عندها يجب البدء بالمعالجة بأسرع وقت ممكن دون الحاجة لانتظار أوقات فتح الصيدلية، كما سيحتاج هؤلاء المرضى إلى لقاحات ضد الإنتانات المختلفة، وبسبب وجود هذه المخاطر، فالمريض يحتاج إلى فهم كيفية معرفة وجود إنتان لديه، ويفضل أن يحمل المريض بطاقة طوارئ طبية أو سوار أو قلادة توضح أنّ هذا الشخص قد استئصل الطحال.
  • ومن الجدير ذكره أن الأبحاث أظهرت فعالية إزالة جزء من الطحال وليس الطحال كله، لكن مازلنا بحاجة لأدلة إضافية.
اقرأ أيضا:  القهوة و كوليسترول الدم

ما مضاعفات المرض على المدى الطويل؟

  • غالباً ما تشاهد حصى في المرارة لدى الأشخاص المصابين بالمرض، وتزال المرارة مع الطحال في نفس الوقت في حال تشكل حصيات مرارية فيها (تسبب الحصيات المرارية ألماً تحت الأضلاع على الجانب الأيمن بعد وجبة دسمة).
    يمكن أن تتفاقم الأعراض بشكل مفاجئ (نوبات)، تؤدي إلى اصفرار الجلد و بياض العين (اليرقان)، وفقر الدم و زيادة عمل الطحال بشكل كبير.
    الأسباب التي ربما تؤهب لحدوث هذه النوبات هي:
    • الإنتانات الفيروسية مثل الزكام والأنفلونزا، وكل ما يحتاجه المريض هنا هو مسكنات الألم والإكثار من السوائل (تعطى غالباً عبر الوريد).
    • نوع آخر من الفيروسات قد يكون مهدداً للحياة هو البارفو فيروس ب19 (يستمر لـ 10-14 يوم).
    • عوز الفولات.

ما هو إنذار المرض (توقعاته على المدى البعيد)؟

يعاني معظم الأطفال من المرض الخفيف ولا يحتاجون إلى استئصال الطحال، ومتوسط العمر المتوقع لديهم طبيعي. إذا أُزيل الطحال ستبقى خلايا الدم الحمراء لفترة أطول وستقل الحاجة إلى عمليات نقل الدم. لكن لا ننسى الخطر المتزايد للإنتانات المهددة للحياة.

بواسطة
د. دانة حمد د.براء زنبركجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *