أسباب مرض التوحد

كبرت معارفنا عن مرض التوحد في العقد الأخير بعد أن ألقت وسائل الإعلام الضوء عليه، وبعد أن تنامت الجمعيات الأهلية والرسمية المعنية برعاية الأطفال المصابين وتثقيف الأهالي عنه، فما هو مرض التوحد؟

التوحد عجز تطوري يمتد مدى الحياة، يؤثر على كيفية نظر الشخص للعالم المحيط وعلى طريقة تعامله مع الآخرين.

يرى المصابون بالتوحد ويسمعون ويحسون بالعالم بطريقة تختلف عن الآخرين. وتستمر الإصابة بالتوحد طوال الحياة. التوحد ليس مرضًا أو داءًا، كما أنه غير قابل للشفاء. ويشغل التوحد لدى المصابين به جانبًا أساسيًّا من هويتهم.

التوحد اضطراب متعدد الأوجه. حيث يواجه المصابون بالتوحد صعوبات مختلفة، فيؤثر عليهم التوحد بعدة نواحي. يعاني بعض المصابين من صعوبات في التعلم أو مشاكل عقلية أو من حالات أخرى، وهذا يعني احتياجهم لمستويات مختلفة من الدعم. يتعلم كافة المصابين بالتوحد وتتطور ملكاتهم. ويعيش مرضى التوحد بتقديم التشجيع المناسب حياة فيها قدرة على الاختيار والإنجاز.

ما أسباب التوحد؟

نشخص التوحد عادة بناءً على أعراضه السلوكية دون الرجوع إلى المسببات. ومع ذلك فقد أجري بحث كامل لتحري العوامل المسببة التي تتضمن: العوامل الوراثية والعصبية الحيوية والبيئية، والتي تفسر بدورها الأعراض السلوكية التشخيصية.

عوامل الخطر الوراثية

اتفقت الأبحاث بشكل كبير على أن التوحد ينتج عن تغيرات وراثية أو طفرات، ومع هذا لا نجد لدى كافة الأطفال رابط وراثي أو طفرات واضحة لدى أفراد أسرهم. أظهرت نتائج الأبحاث الوراثية أن التوحد أكثر انتشارًا لدى الذكور من الإناث ويعود ذلك للاختلافات الوراثية المرتبطة بالصبغي X، كما أظهرت دراسات التوائم أن التوافق لدى التوائم الحقيقية يتراوح من 60 إلى 90%، بينما يتراوح لدى التوأم الأخوين بين 0 و10%.

أبدت دراسة أجراها باحثون أن 20% من الأطفال الذين لديهم إخوة أكبر سنًّا مصابون بالتوحد سيتطور التوحد لديهم حينها. ويزداد خطر الإصابة لدى الطفل إن كان لديه أكثر من أخ أكبر منه مصاب بالتوحد.

اقرأ أيضا:  بارقة أمل لبعض اطفال التوحد وعلاج جديد

ونظرًا لسرعة ودقة طرق تحديد التسلسل الجيني المتاحة حاليًّا وإمكانية الوصول إلى عينات كبيرة من الـDNA، تمكن العلماء من الربط بين العوامل الوراثية والإصابة بالتوحد.

العوامل العصبية الحيوية

تؤدي الشذوذات في الشيفرة الوراثية إلى شذوذات في آليات تطور الدماغ. يؤدي هذا في المقابل إلى تغيرات بنيوية ووظيفية في الدماغ وشذوذات معرفية عصبية إضافة إلى ظهور أعراض سلوكية.

تتضمن الاختلافات العصبية الحيوية والتي تترافق مع تشخيص التوحد مايلي:

  • مشاكل في تطور الشيفرة الوراثية تشمل مناطق مختلفة من الدماغ كالفص الجبهي والأمامي الصدغي، والمذنب والمخيخ.
  • تشمل الشذوذات البنيوية والوظيفية في الدماغ:
  1. زيادة المادة الرمادية في الفصين الجبهي والصدغي
  2. نقص المادة البيضاء مقارنة مع الرمادية في مرحلة المراهقة
  3. اختلافات تشريحية ووظيفية في المخيخ وفي الجهاز الحوفي
  • نذكر من التغيرات الدماغية في الاستجابة للبيئة:
  1. نقص الحساسية العصبية لتغيرات النظرة التحديقية الديناميكية لدى الأطفال
  2. تفضيل المعالجة غير الاجتماعية على تلك الاجتماعية، وتفاوت في نصفي الكرة بما يرتبط مع المرض
  3. اضطرابات في التطورات الاجتماعية العصبية تساهم بدورها في نقص الانتباه للمحفزات الاجتماعية

العوامل البيئية

يتحرى الباحثون عن العوامل البيئية السابقة والتالية للولادة، وذلك نظرًا لتفاقم خطر التوحد (كالعوامل الغذائية، وتناول الأدوية التعرض لسموم بيئية). قد تتداخل هذه العوامل مع الحساسية الوراثية للإصابة بالتوحد. نذكر من العوامل البيئية التي تعرف عليها العلماء لإجراء دراسات مستقبلية: الرصاص وثنائي الفينيل متعدد الكلور والمبيدات الحشرية وعوادم السيارات والهيدروكربونات ومنقصات اللهيب. لكن لم تحدد المحفزات البيئية حتى الآن. تكون الأبحاث التي تركز على عوامل الاختطار البيئية التي تؤدي إلى تطور التوحد معقدة للغاية. يتعين على الباحثين إيجاد التداخل بين العوامل البيئية والمعلومات الوراثية الفردية.

كان هناك اهتمام في السنوات السابقة بنظرية تربط بين استخدام الثيميروسال وتطور التوحد، وهو مادة حافظة زئبقية تستخدم في لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية. وعلى الرغم من عدم وجود الزئبق في اللقاحات في الولايات المتحدة، إلا أنه ما زال هناك تحفظ تجاه اللقاحات من قبل بعض الأهالي.تجري العديد من الدراسات على نطاق واسع حاليًّا حول هذا الموضوع، إلا أنها فشلت في ربط الثيميروسال بالتوحد.

اقرأ أيضا:  اضطراب خلل القراءة dyslexia

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *