أورام المخ عند الاطفال

تعتبر أورام الدماغ ثاني أشيع ورم عند الأطفال، كما أنها أكثر الأورام الصلبة شيوعاً عند هذه المجموعة العمرية. يمكن لأورام الدماغ أن تحدث في أي عمر لكن لكل ورم من هذه الأورام ذروة حدوث في عمر معين. إن أورام الدماغ الانتقالية شائعة عند البالغين لكنها نادرة نسبياً عند الأطفال. تشكل الأورام Infratentorial حوالي ثلثي الأورام داخل الجمجمة عند الأطفال بين عمر 2- 12سنة.

الأعراض السريرية:

تتظاهر أورام الدماغ بعدة طرق حسب مكانها ونوعها ومعدل نموها وعمر الطفل. وبصورة عامة هناك نمطان متميزان لتظاهر الأورام الدماغية هما الأعراض والعلامات الناجمة عن ارتفاع التوتر داخل الجمجمة والعلامات العصبية البؤرية. تؤدي الأورام المتوضعة في الخلف لإحداث أعراض وعلامات ارتفاع التوتر داخل الجمجمة بشكل رئيس ويرجع ذلك إلى انسداد طريق السائل الدماغي الشوكي وتطور استسقاء الرأس.

وغالباً ما تعتبر تغيرات الشخصية أول أعراض أورام الدماغ، بغض النظر عن موقع الورم، حيث يحدث لدى الطفل قبل أسابيع أو أشهر من اكتشاف الورم الوسن أو الهياج أو فرط النشاط أو كثرة النسيان أو تراجع الأداء المدرسي. ومن غير المؤكد إن كانت هذه التبدلات السلوكية ناجمة عن ارتفاع التوتر داخل الرأس أو عن توضع المشكلة أو الاثنين معاً. وبعد استئصال الورم وتراجع ارتفاع التوتر داخل الدماغ يحدث تحسن هام في الاضطرابات السلوكية عادة.

يتميز ارتفاع التوتر داخل الرأس بالإقياء والصداع، وعند الرضع يحدث انتفاخ اليافوخ مع زيادة حجم الرأس يميل الصداع في البداية لأن يكون وقت الصباحً ويتحسن بالوقوف لأن الجريان الوريدي من الرأس يتحسن بوضعية الانتصاب. يوصف الصداع بانه عام وثابت وقد يكون متقطعاً ويسوء بالسعال أو العطاس او أثناء التغوط. يترافق الصداع وصفياً مع الإقياءات التي تؤدي إلى تحسن الصداع غالباً. إن الأورام التي تحدث في البطين الرابع في الدماغ تترافق غالباً مع إقياءات شديدة وغالباً ما يخضع الأطفال الذين يتظاهرون بالإقياء كأول علامة على الورم الدماغي لسلسلة من الاستقصاءات المعدية المعوية،

وإن القصة المرضية والفحص العصبي الشاملين سوف يجنبان المريض هذه التحاليل في العديد من الحالات. يكون الحول عرضاً شائعاً في أورام الجزء الخلفي ولا يشتكي الأطفال عادة من الرؤية المزدوجة لأنهم يثبطون الصورة من العين المصابة بسهولة. يظهر فحص حركات العين وجود الحول بسبب إصابة العصب، يعارض بعض الأطفال المصابين بالحول عن طريق إمالة الرأس كمحاولة لدمج الصورتين،. إن الرأرأة او الارتجاج في العين علامة بارزة في أورام المخيخ.تسبب الأورام المخيخية وحيدة الجانب رأرأة أفقية تزداد عند النظر إلى جهة الآفة.، وقد تؤدي أورام جذع الدماغ إلى رأرأة أفقية وعمودية ودورانية. قد يستمر الرأس بالنمو المتسارع دون أن يترافق ذلك مع علامات وأعراض ارتفاع التوتر داخل الرأس.

يمكن لارتفاع التوتر داخل الجمجمة السريع أو المديد أن يؤدي إلى حدوث السبات مع تبدلات في العلامات الحيوية حيث يحدث تباطؤ القلب وعدم انتظام النبض وارتفاع التوتر الشرياني الجهازي مترافقاً مع تغيرات نمط التنفس حيث يحدث في البداية فرط التهوية الذي يتطور إن لم تتم المداخلة إلى التنفس غير المنتظم يليه توقف التنفس.

اقرأ أيضا:  الفتق الإربي عند الأطفال

إن الخطأ الأكثر شيوعاً عند فحص الطفل المصاب بالصداع والإقياء هو الفشل في فحص الشبكية والعصب البصري. إن تعتمات الرؤية التي تتميز بتشوش الرؤية عرض خطير يشير إلى التقبض الوعائي في الأوعية المخية وتنذر بقرب حدوث الانفتاق المخيخي. أما فقدان الرؤية الذي يتظاهر بتأخر التطور عند الرضع المترافق مع الحركات الجائلة في العينين أو الرأرأة فهو مظهر لأورام العصب البصري. تؤدي أورام المخيخ بشكل وصفي إلى حدوث الترنح الجذعي الذي يتعزز بالجلوس أو الوقوف، أما إصابة القسم الأمامي من المخيخ فيؤدي إلى اضطرابات واضحة في المشية التي تكون على خطوات واسعة. تؤدي أورام نصف الكرة المخيخية إلى حدوث ترنح الأطراف في الجانب الموافق مع خلل تناوب الحركات تركز المقاطع التالية على التشريح المرضي وتدبير وإنذار أورام الدماغ الرئيسية عند الأطفال.

تشخيص أورام المخ عند الأطفال:

يعتبر MRI او الرنين المغناطيسي أفضل وسيلة لإظهار أورام المخ عند الأطفال حيث تعطي الدراسة ب MRI أفضل صور للبنى في الجزء الخلفي مقارنة مع الاشعة المقطعية. والأكثر من ذلك أن التفاصيل الدقيقية لصور MRI قد مكنت من التعرف على أورام دماغية لم تكن مرئية بالاشعة المقطعية،

كما أن MRI أكثر دقة في تحديد مد امتداد الورم. يجب أن يخضع الأطفال المصابون إلى سلسلة من الدراسات الأساسية للغدد وتشمل معايرة هرمون النمو والهرمون المنبه للغدة الدرقية والهرمون المضاد للإدرار والبرولاكتين لأن هذه الهرمونات قد تتطلب الإعاضة إذا كانت ناقصة. يمكن فحص الخلايا الورمية في سائل النخاع الشوكي عند إجراء الجراحة أو كجزء من المتابعة الروتينية وإن إيجابية الخلايا الورمية في ذلك السائل بعد الجراحة مباشرة أمر شائع لكن تفسير هذه الظاهرة ليس مؤكدا

مضاعفات أورام المخ عند الأطفال:

ذكر حدوث أشكال عديدة من العجز العصبي النفسي تشمل تبدلات السلوك الإدراكي والأداء اللغوي، والوظيفة الحسية الحركية والأداء المدرسي. كما يلاحظ أيضا حدوث شذوذات عصبية فيزيولوجية، وقد أظهرت اشعة الرنين المغناطيسي وجود آفات متنوعة تصيب القشر والنخاعين وتشمل حدوث التكلسات وتوسع البطينات ونقص كثافة المادة البيضاء وضمور القشر، وبصورة عامة كلما كان المريض أصغر عمرا كانت الإعاقة أشد.

وهناك علاقة بسيطة بين موقع الآفة كما تحدده الدراسة التصويرية والاضطراب الإدراكي، إن اضطرابات النمو وقصور الغدة الدرقية الناجم عن الاشعة شائعة بعد المعالجة الشعاعية بسبب سوء وظيفة هرمون النمو يجب إجراء دراسات غدية عند كل المرضى المشخصين حديثا قبل البدء بالمعالجة وإن مراقبة النمو بشكل دقيق أمر أساسي في متابعة هؤلاء الأطفال. ولا بد من إجراء دراسات مستقبلية تقيم الخطط العلاجية النوعية حسب عمر الطفل من أجل فهم أفضل مضاعفات المعالجة الشعاعية داخل الجمجمة.

اقرأ أيضا:  تعلم الإسعافات الأولية للمصاب بكسر في الجمجمة

إن طرق المعالجة الجديدة مثل زرع حبيبات مشعة واستخدام الاشعة البؤرية والمركزة قد أضافت آمالا في معالجة أورام الدماغ عند الأطفال.. كذلك من المحتمل أن تحدد الدراسات البيولوجية الجزيئية أيضا آليات السلوك الورمي وتحقق وسيلة من أجل معالجة أكثر فعالية في المستقبل.

أورام العَصَبات ( Tumors of neurons )

من أهم ما يميز الأورام لدى الأطفال عنها لدى البالغين، أنها تنشأ عن تسرطن خلايا المنشأ الأولية ( primitive stem cells ) التي تتطور و تتمايز إلى خلايا بالغة متخصصة، و بنفس النسق تنشأ أورامالخلايا العصبية أو العَصَبات، و التي يمكن تصنيفها بشكل عام ضمن أورام الأدمة الظاهرة العصبية الأولية ( Primitive neuroectodermal tumors PNET )، و التي تُعد أورام الأولياتالنخاعية ( Medulloblastomas  ) من أهم أنواعها، حيث تمثل نسبة تقترب من 15 % من أورام الدماغ لدى الأطفال، و من المعتقد أنها تنشأ عن تسرطن خلايا المنشأ الأولية بالمخيخ و التي لها قابلية التطور لتتحول إماإلى عصبات أو إلى خلايا دبقية.

و تُعد هذه الأورام الأكثر سرعة في النمو غير أنها بالمقابل ذات معدلات عالية في الاستجابة للمعالجات القياسية إذ يمكن شفاء أكثر من 50 % من الحالات بالعمل الجراحي و أحيانا باستخدام المعالجات الإشعاعية أو بإضافة القليل من العلاج الكيماوي.  و من جهة أخرى تسمى أورام الأدمة الظاهرة العصبية الأولية بأورام أوليات الصنوبرية ( pineoblastomas ) حين تتموضع بالغدة الصنوبرية ( و هي الغدة التي تتحكم بدورات النوم و الاستيقاظ الطبيعية )، بينما تسمى بأورام الأوليّـات العصبية فحسب (neuroblastomas ) حين تنشأ بنصفي كرة المخ، و هذه الأورام سريعة النمـو شأن أورام الأدمة العـصبية الأخرى و يمكن أن تنتقل على امتداد مسرى السائل المُخّي الشوكي.

الورم الدماغي الكاذب

الورم الدماغي الكاذب متلازمة سريرية تقلد أورام الدماغ وتتميز بارتفاع التوتر داخل الرأس مع تعداد طبيعي للخلايا ومستوى طبيعي للبروتين في السائل الشوكي مع حجم طبيعي للبيطنات وتوضعها وتشريحها.

هناك العديد من التفسيرات لحدوث الورم الدماغي الكاذب تشمل التغيرات في إنتاج وامتصاص السائل الشوكي واضطرابات التحكم وجريان الدم الدماغي والانسداد الوريدي. إن أسباب الورم الدماغي الكاذب عديدة وتشمل الاضطرابات الاستقلابية وقصور جارات الغدة الدرقية والمعالجة طويلة الأمد بالستيروئيدات والمعالجة بهرمون النمو وفرط الفيتامين A ونقص الفيتامين A وداء أديسون والبدانة وبدء الطمث ومانعات الحمل الفموية والحمل والتهاب الأذن الوسطى المزمن والأدوية (حمض الناليد كسيك والتتراسكلين والنتروفورانتوئين) والاضطرابات الدموية ( احمرار الدم وفقر الدم الانحلالي وفقر الدم بعوز الحديد)

إن أشيع الأعراض هو الصداع ورغم وجود الإقياءات فنادرا ما تكون مستمرة وشديدة كالإقياءات المرافقة لورم الدماغ إن الحول الناجم عن شلل العصب شكوى شائعة. يكون معظم المرضى واعين وليس لديهم أعراض بنيوية. يظهر فحص الرضيع بشكل وصفي وجود انتفاخ اليافوخ .

د. ياسر متولى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *