الاعاقة العقلية : التخلف العقلي The Mental Retardation

وقد تبنت الجمعية الأمريكية للضعف العقلي آنذاك هذا التعريف وضمنته في دليلها الذي تم نشرة أعوام 1959، 1961، 1966، وأهم ما تميز به هذا التعريف ، هو أنه أصبح الأساس الذي بني عليه التعريفات الصادرة فيما بعد حيث اشتمل علي العناصر الثلاثة الأساسية المكونة للتخلف العقلي وهي:
1- انخفاض الأداء  الوظيفي العقلي العام دون المتوسط.
2- حدوث قصور في السلوك التكيفي.
3- حدوث التخلف العقلي قبل الوصول إلي 18 سنة.

إلا أن أهم جوانب النقد التي وجهت إلي هذا التعريف أنه حدد مستوي التخلف العقلي بأنه دون المتوسط بانحراف معياري واحد ، وترتب علي ذلك زيادة عدد المتخلفين عقلياً في المجتمع ، فقد بلغت النسبة 15.87% ، وهي نسبة مبالغ فيها لأنه ضمن فئة الأغبياء علي أنهم متخلفين عقلياً ، هذا دفع الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي أن تقوم بتنقيح هذا التعريف وتعيد صياغته في عام 1973 ، وهو التعريف الذي أعده     , Grossman (  (1983 وتبنته الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي أعوام 1973 ،1977 ،1983 حيث تم إعادته دون أي تغير ، وينص تعريف Grossman علي أن التخلف العقلي" انخفاض الأداء الوظيفي العقلي العام دون المتوسط بدرجة دالة ، يوجد متلازماً مع قصور في السلوك التكيفي، ويحدث ذلك خلال فترة النمو"(Grossman ,1983 ,11)                 

ومن الواضح أن هذا التعريف لا يختلف عن تعريفHeber في الصياغة ، فنفس الكلمات المستخدمة في كلا التعريفين واحدة بإستثناء أن هذا الانخفاض في الأداء العقلي العام عن المتوسط يكون بانحراف واحد أو بانحرافين معيارين أو أكثر ، من ثم ترتب عليه أن أصبح عدد الأفراد المتخلفين عقلياً في المجتمع 2.27 % ، ومع التقدم المتنامي في حجم الأبحاث والدراسات العلمية التي أجريت علي المتخلفين عقلياً فقد قامت الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي بوضع تعريف أصبح تعريفاً فيدرالياً حاز علي قبول الأوساط العلمية المنخرطة في هذا المجال . و ينص هذا التعريف علي أن التخلف العقلي هو" حالة تتميز بعجز جوهري في الأداء الراهن للفرد ، وانخفاض في الأداء العقلي عن المتوسط بدرجة دالة يوجد متلازما مع جوانب عجز في اثنين أو أكثر من مجالات المهارات التكيفية التالية : التواصل ، الرعاية الشخصية ، الحياة المنزلية ، المهارات الاجتماعية ، الاستفادة من المجتمع ، التوجه الذاتي، الجوانب الأكاديمية  الوظيفية ، وقت الفراغ ، والعمل ، والصحة والسلامة، ويحدث التخلف العقلي أثناء فترة النمو قبل سن الثامنة عشر (  AAMR ,1992 , 21 ) 

اقرأ أيضا:  كيف نساعد الطفل ذي الاحتياجات الخاصة

وهذا التعريف كما هو واضح يشير إلي تقدماً ملحوظاً مقارنة بالتعريفات السابقة لنفس الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي ، فقد انصبت الأولوية في الاهتمام إلي السلوك الحالي التوافقي لا الذكاء ، كما أنه عدد المهارات التكيفية ، كما يشير الدليل إلي العجز في المهارات التكيفية يحدث داخل السياق المماثل لمجموعة الأقران.
كما أن العجز في السلوك التكيفى المحدد غالباً يتواجد مع جوانب قوة في المهارات التكيفية الأخرى أو في إمكانات الشخص الأخرى . ومن خلال تقديم المساندة الملائمة خلال مراحل الحياة فإن الأداء الحياتي للفرد المتخلف عقلياً سوف تتحسن عموماً . وبالرغم من هذه المزايا التي تتبدي علي هذا التعريف إلا  أنه قد تعرض للنقد فيشير ) & Macmillan (1997 Gresham    إلي أن التعريف قد حدد نسبة الذكاء للتخلف العقلي 75 فأدني ، وهذا يعني احتمالية زيادة عدد المتخلفين من 2.28% ـ4.75% .( & Macmillan ,1997, 402 Gresham  ).  مع أن التقسيم الذي أقرته الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي من قبل هذا التعريف قد قسم  المتخلفين عقليا إلي أربعة مستويات . حيث تبدأ بالخفيف , وهذه الفئة تنحرف عن المتوسط بمقدار درجتين إلي ثلاث درجات معيارية, وتحصل علي نسبة ذكاء 70-55 ( IQ ) وهذه الفئة قابلة للتعلم  educable. فئة المستوي الثاني المتوسطة التخلف تنحرف بمقدار ثلاث إلي أربع درجات انحراف معياري عن المتوسط , ونسبة ذكاء تقدر بين40-54 نسبة ذكاء , وهذه الفئة قابلة للتدريب trainable . ثم المستوى الثالث وهو مستوى شديد التخلف يطلق عليه severe وينحرف عن المتوسط بمقدار أربع إلي خمس درجات انحراف معياري , ونسبة ذكاء بمقدا25-39 , وهذه الفئة تستطيع أن تحافظ على حياتها ولكنها غير قابلة للتدريب . المستوي الرابع فئـة تنحـرف درجـاتهـا عن المتوسـط بمقدار يزيد عن خمس درجات معيارية , ونسبة ذكاء تقل عن 25 وتحتاج لرعاية مستمر ولا يمكنها الاعتمـاد علي نفسـها , وهـي فئة شديدة التخلف العقلي .( In Sebastian ,2002,1-1
كما يشير et al King (  2000) إلي أن العديد قد استاءوا من هذا التعريف الجديد من حيث إشارته إلي تحديد محكات السلوك التكيفي والمهارات التكيفية التي تكون علي الأقل 2 من 10 مجالات تكيفية يظهر بها العجز ، علي الرغم من أن نتائج دراسات التحليل العاملي قد أبانت عن وجود عاملين إلي سبعة عوامل للسلوك التكيفي، بل أكثر من هذا لا يوجد مقياس وحيد يقيس المجالات العشر المحددة ، التي تجبر العاملين في هذا الميدان لمزج المجالات عبر اختبارين أو أكثر . كما أفضي هذا التعريف إلي مزيد من الجدل والخلاف بين العاملين ، كما أدي إلي حدوث مأزق للعاملين في حقل الطب النفسي لكل من  DSM_APA من حيث تصنيف الاضطرابات في مرحلة الطفولة . (  ,et al,2000,2591 King )

اقرأ أيضا:  الاعاقة السمعية : المناهج الدراسية المأمول تقديمها للمعاقين سمعياً

وبناء علي ما سبق نلمح التطوير الدائب في تعريف التخلف العقلي ، ومع المزايا العديدة التي توافرت من التعريفات التخلف العقلي التي تصدت الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي بتحديده ، ومع ذلك نجد أن أسباب التخلف العقلي قد غابت عن هذه التعريفات ، كما أن التحديد الفاصل الأكثر دقة للتخلف العقلي يتباين وفق التعريفات المختلفة ، وبناء عليه يعرف الباحثان التخلف العقلي علي أنه " قصور في الأداء الراهن للفرد، يولد مزود به أو يحدث قبل سن الثامنة عشر ة من العمر لأسباب وراثية أو بيئية أو هما معا ، ونستدل عليه من انخفاض دال في الأداء الوظيفي العقلي العام عن المتوسط بدرجة دالة و يتلازم معه قصور في السلوك التكيفي. 

د/ منير حسن جمال
أستاذ علم النفس التربوى المساعد
كلية التربية بالعريش

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *