التيفود ( حمى التيفوئيد) Typhoid Fever

التيفود أو حمى التيفوئيد هو عدوى جرثومية تصيب الجهاز الهضمي، وتنتشر أحياناً عبر الدم لتصيب العديد من الأعضاء. قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة إن لم يعالج فوراً. تسببه جرثومة تدعى السالمونيلا التيفية. وبحالاتٍ أقل السالمونيلا نظيرة التيفية التي تسبب مرضاً أقل حدة.

التيفوئيد ( حمى التيفود ) Typhoid Fever

تنتقل عدوى التيفود بسرعة كبيرة. حيث تخرج الجراثيم من جسم المصاب عبر البراز والبول بنحوٍ أقل. وتحدث العدوى في حال تناول شخص آخر طعاماً أو شراباً ملوثاً بكميات قليلة من براز أو بول المصاب بالعدوى.

أعراض حمى التيفود

ينقسم سير مرض التيفود غير المعالج إلى أربع مراحل بارزة، تدوم كل واحدة منها لمدة أسبوع. وخلال هذه المراحل يصبح المريض منهكاً وهزيلاً.

في الأسبوع الأول : ترتفع درجة حرارة الجسم ببطء، وتشاهد تموجات الحمى بالإضافة لبطء القلب (علامة فاغت) والتعب والصداع والسعال. كما يحدث الرعاف (النزف الأنفي) في ربع الحالات وقد يشعر المريض بألم في بطنه. وينخفض عدد كريات الدم البيضاء مع قلة اليوزينيات وكثرة اللمفاويات نسبياً. يكون زرع الدم إيجابياً من أجل السالمونيلا التيفية أو نظيرة التيفية. ويعطي اختبار فيدال نتيجة سلبية في هذا الأسبوع.

طبيب ع باطنة حمى التيفود

في الأسبوع الثاني : يصبح المريض متعباً جداً، لا يستطيع النهوض من الفراش و ترتفع درجة حرارته إلى 40 درجة مئوية تقريباً بالإضافة لبطء القلب (التفارق الحراري النبضي أو علامة فاغت). يعد حدوث الهذيان شائعاً، حيث يكون المريض هادئاً بأغلب الأوقات وأحياناً عصبياُ. وتظهر بقع وردية في أسفل الصدر والبطن عند ثلث المرضى. تسمع الغطائط أيضاً في الرئتين.

يتمدد البطن ويحدث الألم في الربع السفلي الأيمن منه حيث تسمع القراقر. قد يحدث الإسهال في هذه المرحلة حيث يتبرز المريض من 6 إلى 8 مرات يومياً ويكون البراز أخضر رغوي برائحة كريهة. ويعد الإمساك شائعاً أيضاً. كما يتضخم الكبد والطحال وترتفع الأنزيمات الكبدية الناقلة للأمين. يصبح اختبار فيدال إيجابياً بقوة، وتبقى بعض الزروع الدموية إيجابية في هذه المرحلة. إن العرض الرئيسي لهذه الحمى هو ارتفاعها عادةً بعد الظهر في الأسبوع الأول والثاني.

في الأسبوع الثالث : قد يحدث عدداً من المضاعفات:

  • النزف المعوي يحصل النزف في لطاخات باير المحتقنة. ويعد خطيراً جداً ولكنه ليس مميتاً.
  • انثقاب الأمعاء في اللفائفي القاصي: هو مضاعفة خطيرة جداً وعادةً تكون مميتة. ربما يحدث بدون علامات إنذارية حتى حدوث الإنتان الدموي أو التهاب الصفاق المنتشر.
  • التهاب الدماغ.
  • أمراض رئوية مثل ذات الرئة والتهاب القصبات الحاد.
  • أعراض عصبية نفسية (غمغمة وهذيان أو غيبوبة).
  • خراجات مختلفة مثل التهاب المرارة والتهاب الشغاف والتهاب العظم.
  • تبقى الحمى مرتفعة جداً وتقل تذبذباتها كثيراً خلال اليوم. ثم يحدث التجفاف ويصاب المريض بالهذيان (الحالة التيفية). ويصاب ثلث المرضى بطفح بقعي على الجذع.
  • تنخفض الصفيحات الدموية ببطء ويزداد خطر النزف.

وفي نهاية الأسبوع الثالث تبدأ الحمى بالهبوط ( إقلاع الحمى ). وتستمر بالانحسار في الأسبوع الرابع وهو الأسبوع الأخير.

أسباب حمى التيفود

ينتج التيفود عن جراثيم تدعى السالمونيلا التيفية. وهي من جنس جراثيم السالمونيلا التي تسبب التسمم الغذائي (عدوى معوية أخرى خطيرة أيضاً). تنتقل السالمونيلا التيفية عبر الطعام أو الماء الملوث، وأحياناً عبر التماس المباشر مع شخص مصاب. تنتج معظم الحالات في البلدان النامية، حيث يتوطن التيفوئيد، وينجم عن شرب الماء الملوث والمستوى الصحي السيء.

حاملو جراثيم التيفوئيد: حتى بعد المعالجة بالصادات، تبقى أمعاء بعض المرضى مأوىً للجراثيم لعدة سنوات. يدعى هؤلاء الأشخاص بالحاملين المزمنين حيث تخرج الجراثيم في برازهم وتسبب العدوى للآخرين بالرغم من عدم ظهور أي عرض عليهم. وعالمياً، الأطفال هم الفئة ذات الخطورة الأكبر للإصابة بالتيفوئيد مع أنهم يعانون عادةً من أعراض ألطف من البالغين.

اقرأ أيضا:  دراسة تحذر من تفشى فيروس «سى» فى مصر وتشير إلى500 ألف إصابة سنويا

تشخيص التيفود

التاريخ الطبي والسفر : من المحتمل أن يشك الطبيب بإصابة مريضه بالحمى التيفية اعتماداً على الأعراض والتاريخ الطبي والسفر. لكن يؤكد التشخيص عادةً بتحري جراثيم السالمونيلا التيفية في زرع الدم أو زرع أي سائل أو نسيج بدني.

زرع سوائل البدن والنسج : تؤخذ عينة من الدم أو البراز أو البول أو نخاع العظم للزرع وتوضع على وسط خاص يعزز نمو الجراثيم. ثم يفحص الزرع تحت المجهر لتحري وجود الجراثيم التيفية. إن زرع نخاع العظم عادةً هو الاختبار الأكثر حساسية للمرض.

مع أن إجراء فحص الزرع هو عماد التشخيص، إلا أنه قد تستخدم اختبارات أخرى في بعض الحالات للتأكد من عدوى حمى تيفية مشتبهة، مثل تحري الأضداد التي يشكلها الجهاز المناعي ضد الجراثيم التيفية في الدم، أو فحص تحري الدنا الجرثومي في الدم ( تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR ).

اختبار فيدال: لقد كان عماد تشخيص الحمى التيفية لعدة عقود ماضية. يستخدم لقياس الأضداد الراصة ضد المستضدات H وO للجراثيم التيفية. لكنه ليس حساساً ولا نوعياً ولم يعد مقبولاً كطريقة سريرية.

يعاني معظم مرضى التيفوئيد من فقر دم معتدل، وبالتالي يحدث ارتفاع في سرعة تثفل الكريات الحمر (ESR) وقلة الصفيحات الدموية. وترتفع أيضاً قيم البيلوروبين والأنزيمات الناقلة للأمين الكبدية في المصل إلى ضعف المعدل المرجعي.

يعد التصوير الشعاعي للكليتين والحالبين والمرارة مفيداً في حال الاشتباه بانثقاب معوي (عرضي أو لا عرضي). وقد يلزم المسح المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي للتحقق من وجود خراجات في الكبد أو العظام أو مواضع أخرى.

علاج حمى التيفود

يمكن علاج التيفوئيد بنجاح عادةً عبر دورة معالجة بالصادات. وتعالج معظم الحالات في المنزل، ولكن قد يلزم الدخول إلى المستشفى في الحالات الحادة.

العلاج في المنزل

في حال تشخيص الحمى التيفية في مراحلها المبكرة، قد يصف الطبيب دورة معالجة بالمضادات الحيوية. ويتناولها معظم المرضى لمدة 7 إلى 14 يوم.

طورت بعض سلالات جراثيم السالمونيلا التيفية مقاومة لواحد أو أكثر من المضادات الحيوية المستخدمة. وهذه مشكلة متفاقمة مع عداوي التيفوئيد الناشئة من جنوبي شرقي آسيا. وبالتالي تفحص عينات من الدم أو البراز أو البول المأخوذة أثناء التشخيص في المختبر عادة لتحديد السلالة المسببة للعدوى، لكي يعالج المريض بالصاد المناسب.

يجب أن تبدأ أعراض التيفود بالتحسن خلال يومين أو ثلاثة من تناول المضادات الحيوية. وعلى أية حال، من المهم جداً إكمال دورة العلاج بالصادات للتأكد من القضاء على كل الجراثيم التيفية في الجسم.

ينصح الأطباء بالراحة وشرب كميات وفيرة من السوائل وتناول وجبات منتظمة، ويفضل أن تكون وجبات صغيرة أكثر تكراراً بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة يومياً.

يجب المواظبة على معايير النظافة الشخصية الجيدة، مثل غسل اليدين بالماء الحار والصابون بانتظام، لتقليل خطر انتقال العدوى إلى الآخرين. كما يجب الاتصال بالطبيب فوراً في حال ازدياد الأعراض سوءاً أو المعاناة من أعراض جديدة أثناء المعالجة في المنزل. وفي عدد قليل من الحالات تحدث أعراض العدوى مجدداً. وتدعى حينها “عدوى انتكاسية”.

الابتعاد عن المدرسة أو العمل

يمكن لمعظم المرضى الذين يعالجون من الحمى التيفية العودة إلى العمل أو المدرسة حالما يشعرون بحالة أفضل. ولكن يستثنى منهم الذين يعملون في مجال الغذاء ومع سريعي التأثر بالعدوى ، مثل الأطفال تحت عمر الخامسة والمسنين وذوي الصحة السقيمة. في هذه الحالة يمكن للمريض أو للطفل العودة للعمل أو الحضانة بعد أن تؤكد فحوص ثلاث عينات برازية مأخوذة بفواصل زمنية 48 ساعة أنّ الجراثيم لم تعد موجودة.

العلاج في المستشفى

يوصى بالدخول إلى المستشفى عادةً إذا كانت أعراض الحمى التيفية حادة، كما في حال الإقياء المستديم أو الإسهال الحاد أو تورم البطن. وربما يدخل الأطفال المصابين بالتيفوئيد إلى المستشفى للحصول على رعاية أكثر.

اقرأ أيضا:  زيت الزيتون للوقاية من التهاب الأمعاء والقولون التقرحى

يتلقى المريض في المستشفى علاجاً بالصادات عبر الحقن وربما يعطى السوائل والمغذيات في الوريد مباشرةً عبر التسريب الوريدي. قد تلزم الجراحة في حال إصابة المريض بمضاعفات التيفوئيد المهددة للحياة، مثل النزف الداخلي أو الانثقاب في الجهاز الهضمي. وعلى أية حال هذه حالات نادرة عند المرضى المتلقين للمعالجة بالصادات.

يستجيب معظم المرضى جيداً للعلاج في المستشفى وتتحسن حالتهم خلال ثلاثة إلى خمسة أيام. وقد يحتاج المريض لعدة أسابيع حتى يتحسن كفاية للخروج من المستشفى.

المضادات الحيوية المستخدمة

من أكثر المضادات الحيوية استخداماً لعلاج حمى التيفود :

  • سيبروفلوكساسين: يصفه الأطباء في الولايات المتحدة للبالغين، ولا يعطى للمرأة الحامل.
  • سيفترياكسون: يعطى هذا الصاد القابل للحقن كبديل عند المرضى غير المرشحين للسيبروفلوكساسين مثل الأطفال.
  • الكلورامفينيكول: كان الخيار الدوائي الأول سابقاً، ولكن لم يعد الأطباء يصفوه بسبب تأثيراته الجانبية والمعدل العالي لتدهور الصحة بعد فترة من التحسن (الانتكاس) والانتشار الواسع للسلالات الجرثومية المقاومة له.

في الواقع تعد المقاومة الجرثومية للصادات مشكلة متفاقمة لعلاج الحمى التيفية وخصوصاً في البلدان النامية. وخلال السنوات الماضية، تم إثبات وجود سلالات من السالمونيلا التيفية مقاومة لكل من التريميثوبريم – سلفاميثوكسازول والأمبيسلين.

الانتكاس : يعاني بعض المرضى من الانتكاس، وهو عودة الأعراض بعد أسبوع تقريباً من إيقاف العلاج بالصادات. تكون الأعراض في المرة الثانية أخف وتدوم فترة أقصر من أعراض المرض الأصلي، ولكن يوصى عادةً بمعالجة إضافية بالصادات. يجب مراجعة الطبيب فوراً إذا عادت الأعراض بعد انتهاء المعالجة.

حامل التيفود المزمن : يجب إجراء فحص برازي آخر بعد زوال الأعراض للتأكد من خلو البراز من جراثيم السالمونيلا التيفية. لأن وجودها يدل على أن المريض أصبح حاملاً لعدوى التيفوئيد وبالتالي تلزم معالجة إضافية بالصادات لمدة 28 يوم لطرد الجراثيم. ويجب تجنب تحضير الطعام أو التعامل معه حتى تثبت نتائج الفحص زوال الجراثيم كلياً. كما يجب غسل اليدين جيداً بعد الذهاب إلى المرحاض.

لقاح التيفود

يتوافر نوعان رئيسيان من اللقاحات للوقاية من الحمى التيفية :

  • لقاح Vi: وهو عبارة عن عديدات سكاريد مستخلصة جراثيم معطلة، يعطى بشكل حقنة وحيدة.
  • لقاح Ty21: وهو عبارة عن لقاح فموي يحتوي على جراثيم مضعفة، يعطى كبسولة يومياً لمدة ثلاثة أيام متتالية.

تتوافر أيضاً حقن مشتركة بين لقاحي التيفوئيد والتهاب الكبد A للأشخاص بعمر 15 عام أو أكبر. تدوم الحماية من التهاب الكبد A لمدة سنة وتدوم الحماية من عدوى التيفوئيد لمدة 3 سنوات. يعمل اللقاح عبر تنبيه الجسم لتوليد أضداد (بروتينات مقاومة للعدوى) تمنع حدوث المرض عند التعرض لجراثيم التيفوئيد.

لا يوجد لقاح للتيفود فعال 100%، ويجب دائماً اتباع نصائح النظافة عند تناول الطعام أو شرب الماء. وعموماً يعد لقاح Vi أكثر فعالية من لقاح Ty21 ولكن بعض الناس يفضلون اللقاح Ty21 لأنه لا يتطلب حقناً.

كما أن لقاح Ty21 غير مناسب لذوي الجهاز المناعي الضعيف (مرضى الإيدز أو الذين يتلقون المعالجة الكيميائية) لأنه يحتوي على عينة حية مضعفة من جراثيم السالمونيلا التيفية. ولا ينصح به أيضاً للأطفال تحت عمر السادسة، في حين يمكن إعطاء لقاح Vi للأطفال من عمر السنتين. وينصح بتلقي اللقاحات المعززة كل 3 سنوات إذا كان المرء معرضاً لخطر العدوى بالتيفوئيد.

من التأثيرات الجانبية الناتجة عن لقاح التيفود: ألم أو احمرار أو تورم أو صلابة في موضع الحقن. ويعاني 1 من كل 100 شخص من حرارة مرتفعة تصل لـ 38 درجة مئوية أو أعلى. ومن التأثيرات الجانبية الأقل شيوعاً: الألم البطني والصداع والدوار والإسهال.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *