احذر تأثيرات التوتر على صحة الجسم
ها قد تغير ضوء إشارة المرور إلى اللون الأخضر، وأنت على وشك الدخول إلى تقاطع الطرق عندما لاحظت سيارة أخرى تعبر بسرعة البرق على الجانب الآخر حتى تكاد أن تصطدم بسيارتك. وبسرعة ضغطتَ على الفرامل! مرت السيارة من أمامك. واستطعتَ والحمد لله أن تتجنب وقوع حادث فظيع. قلبك يسرع بجنون، وما زلت تحبس نفسك، ازفره الآن. يداك تقبضان على عجلة القيادة بشدة، وكل بدنك أخذ بالتوتر استعداداً لوقوع اصطدام. استرخِ، أنت سالم بمشيئة الله.
في جزء الثانية القريبة من وقوع ذلك الحادث، تصبح العديد من أجهزة جسمك على أهبة الاستعداد، وأحد تلك الأجهزة جزءٌ من دماغك اسمه الجهاز الوطائي النخامي الكظري hypothalamic-pituitary-adrenal (HPA) system، والذي يطلق سلسلة من المواد الكيميائية – مثل الأدرينالين والهرمونات الستيرويدية والكورتيزول- التي تعمل على تسارع القلب وتساعد الدماغ على اتخاذ القرار في جزء الثانية هذا، وترفع مستوى الغلوكوز (سكر الدم) في مجرى الدم ما يعطيك دفعة من الطاقة لتساعدك في ردة فعلك. لا داعي حتى لأن تخبر جسمك بما عليه فعله، فهذه ردة فعل الجسم الطبيعية تجاه الحوادث.
غير أن الأمر غير الطبيعي هو مواجهة أحداث وتحديات تدعو إلى التوتر على نحوٍ متواصل، يوماً بعد آخر. نسمي هذا التوتر المزمن بإمكانه أن يؤذي صحتك.
تتحدث نسبة كبيرة من الراشدين عن معاناتها من التأثيرات الصحية السيئة الناجمة عن التوتر، وتكون ثلاثة أرباع الزيارات للأطباء ناجمة عن وعكات وشكاوي مرتبطة بالتوتر. بالإضافة إلى ذلك يرتبط التوتر بالعديد من الأمراض الخطيرة والحالات غير الصحية، من مثل أمراض القلب والسرطان وأمراض الرئة والحوادث وتشمع الكبد cirrhosis والانتحار.
من المهم معرفة كيف يؤثّر التوتر على حياتك اليومية كما تأثيره على صحتك على المدى الطويل. وسوف نذكر هنا بعض الطرق التي يؤثر بها التوتر المزمن على صحتك النفسية والجسدية.
الدماغ
قد يعيق التوتر عملية التفكير ويشوش أفكارك. فقد تلقى أنّ اتخاذك لقرارات بسيطة من مثل ما تود تناوله على الغداء أو اتجاه المطعم أمراً أصعب منه عن الأحوال التي تكون مُسترخياً فيها.
الانفعالات
يُصاب الأشخاص الذين يشكون من التوتر المزمن من سهولة شعورهم بالإحباط، ومن سرعة فقدان تماسكهم. فهم قد يبكون كثيراً وقد يقضون أوقات طويلة على نحو ملحوظ في القلق على أشياء ما كانوا ليقلقوا عليها لولا التوتر.
الأسنان واللثة
قد يبدو هذا غريباً، غير أن التوتر قد يترك بصماته على صحتك الفموية. فالتوتر يدفع الشخص للإطباق على أسنانه أو الصرير عليها. وهذا يحصل غالباً بشكلٍ غير واعٍ أو أثناء النوم، إلا أنه لو لم يُعالج، قد ينتهي بمشاكل في المفصلين الفكيين الصدغيين. كما قد يؤدي التوتر إلى أمراض اللثة، بسبب صرير الأسنان، وضعف الاهتمام بالنظافة الفموية، وتبدلات في إفراز اللعاب، وضعف المناعة.
القلب
التوتر خطيرٌ على القلب بما يتعلق بتأثيراته على الجسم. فهرمونات التوتر تزيد سرعة القلب، وتقلص الأوعية الدموية، وتجعل القلب والأوعية الدموية مفرطة في ردة أفعالها تجاه الأحداث المجهدة مستقبلاً. كما أن هناك رابط بين التوتر وارتفاع ضغط الدم، والجلطات الدموية، وحتى مع السكتات الدماغية.
الرئتان
تسوء أعراض المُصابين بالربو asthma والداء الرئوي المُسد المزمن chronic obstructive pulmonary disease (COPD) غالباً أثناء أوقات التوتر المزمن.
الجهاز الهضمي
قد يصيب التوتر أمعاءك بالتوعك، كما يزيد فرصة الإصابة بالغثيان والقياء والإسهال. وتسوء عند التوتر المزمن أعراض بعض الاضطرابات الهضمية مثل الارتداد المعدي المريئي gastroesophageal reflux disease (GERD) وتشنج القولون العصبي أو متلازمة الأمعاء الهيوجة irritable bowel syndrome (IBS)، والتهاب القولون التقرحي ulcerative colitis والداء القرحي الهضمي.