مفاجآت سارة ما زال الأسبرين يزفها لنا

لعل دواء الأسبرين الذي دخل إلى الصيدلية الإنسانية بشكلٍ واسع في بدايات القرن الماضي واحدٌ من خيرة ما قدمته لنا الأعشاب الطبيعية على مر التاريخ لعلاج العديد من الأعراض بالإضافة للوقاية من اضطرابات صحية خطيرة. ونصنع أسيتيل حمض الساليسيليك (وهو الاسم العلمي للأسبرين) عن طريق أسترة مادة الصفصافين الموجودة في لحاء شجر الصفصاف، وفي نباتات أخرى كذلك.

33385

ثبت استخدام المصريين القدماء لمادة الصفصافين في تخفيض الحرارة وتخفيض الألم منذ الألف الثاني قبل الميلاد. كما استفاد من خواصه العلاجية العديد من الشعوب بعدها. غير أنه لم يدخل في الاستخدام التجاري الواسع إلا بعد أن قامت شركة باير الألمانية بتحضير مشتقه الفعال وبيعه تحت اسم أسبرين، وهي ما باتت بعدها أشهر علامة تجارية التصقت بدواء عبر العصور، وهو ما بدأ في عام 1899.

أولى الخواص العلاجية التي عرفناها للأسبرين وأكدتها البحوث أثبتت فوائده الكبيرة كخافض للحرارة ومسكن للألم ومضاد للالتهاب. ولم يقف ما قدمه لنا لحاء شجر الصفصاف هنا، فقد توصل العلم بعدها لخاصية مذهلة للأسبرين، ألا وهي عمله كمضاد لتكدس الصفيحات، وهي الآلية الرئيسية المسؤولة عن تجلط الدم. بعد اكتشاف فائدة الأسبرين كمُميِّع للدم صار علاجاً لازماً للكثير من الحالات الطبية، من مثل المعالجة الاسعافية لاحتشاء القلب والسكتة الدماغية، والعناية بعد العمليات الجراحية للوقاية من التجلطات. كما نستفيد من خاصيته تلك في تخفيف لزوجة الدم لأغراض وقائية عند المعرضين لخطر مرتفع للإصابة بجلطات قد تكون قاتلة.

وإضافة لتلك السمات العلاجية المتميزة، أثبتت الأبحاث العلمية في العقود الأخيرة أن الأسبرين يقلل معدل الإصابة بالعديد من أنواع السرطانات، لا سيما سرطان القولون والمستقيم. ولابد أن نذكر أن الأسبرين هو الخط العلاجي الأول للحمى الرماتويدية لمدة قد تصل لأسبوعين أو أكثر.

اقرأ أيضا:  عالم مصري يكتشف علاجا للسرطان باستخدام الخميرة

الخبر الجديد المفرح عن فائدة مدهشة جديدة للأسبرين جاءنا من معهد بويس تومبسون وجامعة جون هوبكنز في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد بينت أبحاثهما أن الأسبرين يفيد في علاج الأمراض العصبية التنكسية، مثل داء آلزهايمر وداء باركنسون وداء هنتغنتون. وعلل البحث تلك الخاصية العلاجية لقدرة الأسبرين على الارتباط مع أنزيم اسمه نازعة هيدروجين ثلاثي فوسفات الغليسير الدهيد أو GAPDA. ففي تلك الأمراض يتراكم هذا الأنزيم في الخلايا العصبية، ويدخل إلى نواتها لينتهي الأمر بموتها. ارتباط الأسبرين بهذا الأنزيم يخفف من تراكمه في الخلايا العصبية ما يمنع هذه التأثيرات المدمرة.

كل هذه التأثيرات المفيدة خلفت مبرراً لتناول الأسبرين في جرعة يومية منظمة للإفادة من تأثيراته المفيدة. غير أن القرار الأخير يجب اتخاذه مع الطبيب للموازنة بين فوائده وتأثيره الجانبي الأهم المتمثل بسهولة النزف واحتمال تشكل قرحة معوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *